الاثنين، 29 يونيو 2009

ايران الى اين؟

شهدت الجمهوريه الاسلاميه الايرانيه احداثا دراميه بعد نتائج الانتخابات الاخيره التى فاز فيها التيار المحافظ متمثلا فى احمدى نجاد على ممثل التيار الاصلاحى مير حسين موسوى فلم تشهد ايران احداثا كهذه منذ قيام الثوره الاسلاميه هناك وسيطره النظام الملالى على الحكم فيها ..ولكن ما يثير التساؤل هنا كيف انحدر الامور فى هذا الاتجاه من التصادم بين التيارين وكيف ظهر هكذا على الملا فجأه دون مقدمات تدل عليه او على قدر رد الفعل من قبل التيارين من خلال التعاطى مع النزال الانتخابى وما أل اليه من نتائج ..... المدقق فى تاريخ ايران السياسى والمتابع له يجد ان ايران دوله لها ايدلوجيات مختلفه عن سائر دول العالم كونها دوله دينه خالصه حكمها تبعا لرجال الدين اهل الثقه وعلى رأسهم الولى الفقيه بما يسمى بنظام "ولايه الفقيه" ومن ذلك الحين "قيام الثوره الاسلاميه والاطاحه بنظام الشاه " تمر بأيران ظروفا سياسيه واقليميه واقتصاديه واجتماعيه بما جعلها حبلى حتى النخاع ..فعندما اطيح بنظام الشاه وجاء بدلا منه النظام الاسلامى الذى وصف بالتشدد تغيرت معه العديد من المعطيات فى الداخل الايرانى ...فعرف نظام الشاه بأتجاه الرأس المالى الموالى للغرب و لكبار التجار ورجال الاعمال والطبقه البرجوازيه هاملا الجزأ الاكبر من الشعب وهى الطبقات الفقيره والمعدمه وزاد على ذلك اتجاه العلمانى المتحرر من قيود الدين ..بينما عرف النظام الثورى الايرانى بأتجاهاته الدينيه المتشدده وميله الى الطبقات المعدمه والفقيره وازاله الفوارق الاجتماعيه بين الطبقات ...وكان نتاج ذلك هروب كبار رؤس الاموال الى الخارج وتركزهم فى دول مثل الولايات المتحده الامريكيه والمانيا وبعض الدول الاخرى"والتى منها الان بعض رموز التيار الاصلاحى" ....وصاحبت فتره الثوره الاسلاميه متغيرات اقليميه منها مقاطعه بعض الدول العربيه والاسلاميه ايران خوفا من تصدير افكار الثوره الاسلاميه اليها او لانها كانت مواليه لنظام الشاه او مع دوله كالامارات بسبب قضيه الجذر الثلاث وكانت القطيعه الكبرى بعد الحرب التى دارت بين العراق وايران والتى كانت امريكا هى الذراع الخفيه لهذه الحرب املا فى القضاء على الحكم الدينى هناك والقضاء على اى فرصه لاقامه تحالفات ايرانيه مع دول عربيه مواليه للولايات المتحده ...وتورت علاقات ايران مع الغرب توترا بالغا خاصه مع الولايات المتحده والتى كان من نتاج ذلك حادثه السفاره و الرهائن الامريكيين الشهيره والتى اتهم احمدى نجاد شخصيا بأنه كان ضمن فريق العمليه ...ثم توتر العلاقات مع العالم كله بسبب البرنامج انووى الايرانى الذى يصفه الغرب" بالمشبوه" ...كل ذلك كان كفيلا من تغير ملامح الجمهوريه الاسلاميه على مدار اربعه وعشرون عاما حتى هذه الانتخابات الاخيره ...فاحمدى نجاد الرجل المحافظ الاول فى ايران قاد ايران اثناء فتره من اصعب الفترات على مستوى الصعيد الدولى واستطاع ان يحافظ على ايران دوله قويه سياسيا وعسكريا بما لم يستطع سلفه خاتمى فعلها فعلى الرغم من ان ايران خاضت تجربه الحكم الصلاحى لمده ثمانى سنوات متتاليه مع خاتمى ألا انها لم تسطع الوصول ببرنامجها النووى ولا نسيجها العسكرى بهذه القوه الا فى عهد نجاد اما عهد خاتمى فعلى الرغم من ان ايران انفتحت اكثر على العالم العربى وقليلا على الغربى وكانت هناك بعض الاصلاحات الاقتصاديه المحدوده ألا انها ايضا لم تستطع المحافظه على هيبتها الدوليه بالشكل الامثل وعلى الرغم من الهدوء الذى سار مع الغرب فى عهد خاتمى إلا ان ايران صنفت كمحور من محاور الشر فى عهده ..وعلى الصعيد الداخلى تبين ان الاصلاحى خاتمى لم يأتى بالتغير المرجوا منه على مختلف الاصعده ولذلك اصبح هو وتياره الاصلاحى غير مرغوب بهم فى الشارع الايرانى ولا من قبل المحافظيين بعد احساسهم ان مكاسب الثوره الاسلاميه فى خطر مع الاصلاحيين لما شا ب حكمهم من التخلى عن بعض الثوابت للثوره ولولا سطوه المرشد الاعلى والحرس الثورى لكان من الممكن ان يحدث اكثر من ذلك .. فكان ولا بد من الاستماته للفوز فى الانتخابات المقبله ... فكانت الانخابات التاليه بفوز المحافظ احمدى نجاد لما له من تاريخ مشرف فى خدمه ايران عندما كان عمده لطهران او قبل ذلك عندما كان فى الحرس الثورى الايرانى وانتمائه الى الفقراء والطبقه العامله البسيطه لم يتكلف امام شعبه الحديث ولا المظهر بل كان مثله كمثل ابسط رجال طهران ....... وعندما جاءت الانتخابات الحاليه بدأ الاصلاحيين من الظهور من جديد برؤاهم التحرريه واتجاهاتهم الرأس الماليه والمطالبه ببعض الاشياء التى تميل الى العلمانيه كالتغير فى بعض قوانيين الحريات الادبيه ...مما دفع المحافظيين بالتصعيد فى حملاتهم الانتخابيه وجذب طبقات الشعب وقواعده البسيطه اليهم خوفا من فوز الاصلاحيين ودخول ايران الى منعطف تحررى جديد يضر بمبادىء الثوره ..فلوح الحرس الثورى بالتدخل تحسبا لاى ثوره" مخمليه " كما سموها قد يقوم بها الاصلاحيون واتباعهم لاستثاره الشباب على الحتجاج على اوضاعهم وحرياتهم و"سحق" القائمين علها ومن المعروف ان الحرس الثورى ولائه للحكم الملالى وبالفعل بعد اعلان النيجه والتى اظهرت فوز المحافظ احمدى نجاد قامت قائمه الاصلاحيين ولم تقعد الى الان واسفرت المواجهات بين اتباع موسوى والشرطه الى عشرات القتلى والجرحى .وشكك الاصلاحيون بعد حصولهم على حوالى35%من الاصوات فى نزاهه الانتخابات بينما نفت الدوله ذلك,, الامر الذى جعل المرشد الاعلى للثوره الايرانيه يتدخل فى حل المشكله وامره بأعاده فرز 10%من الاصوات والتى اظهرت ايضا احقيه نجاد بمقعد الرئاسه واعلان تنصيبه خلال بضعه اسابيع ..والاسئله التى تطرح نفسها الان هل ايران فعلا على شفا ثوره مخمليه قد نتفاجىء بها بعد عده سنوات نتيجه الاوضاع القائمه وقوه التيار الاصلاحى الذى يمكن فى الانتخابات القادمه ان يفوز او يقلص الفرق بينه وبين منافسه المحافظ الى نسبه الاغلبيه الفاعله45% وتدخل البلاد فى حاله صراع ...وهل الصراع القائم الان فى ايران صراع على الرئاسه بين محافظين واصلاحيين ام صراع طبقى بيين رأسماليين لهم اتجاهاتهم وافكارهم المنفتحه على الغرب كأيام ما قبل الثوره الاسلاميه والطبقات الفقيره والبسيطه التى تشمل السواد الاعظم من رجال الدين والنظام ...وهل ستظل الاقليات السنيه والكرديه والعرب الاهواز فى موقع المتفرج ام ان الحراك السياسى الحادث سيغر من الخريطه الجغرافيه للاقليات فى ايران ..وهل سيسمح الغرب بمواصله البرنامج النووى الايرانى على ايقاعه السريع مع حكم احمدى نجاد دون رادع قوى ام ستتكتفى بالعقوبات الاقتصاديه التقليديه التى افادت ايران اكثر مما اضرتها ..ام ستسمح اسرائيل بالمتابع الصامته للاحداث دون رد فعل قوى يحمى وجودها كدوله وخاصه بعد تهديد نجاد بمحوها من على خريطه العالم ودعمه لحزب الله وسوريا وحماس ... وبعد كل هذا هل سيسمح النظام الايرانى الاسلامى بأن تتفلت الامور الداخليه من يده ام ان هناك قوات الجيش والحرس الثورى والباسيج والمخابرات والشرطه التى ولائها فى المقام الاول والاخير للمرشد الاعى ونظامه الاسلامى وبالتالى ولائه الى المحافظين ...وهل سيسمح هذا النظام بالتدخل الخارجى فى شؤنه ام سيكون هناك حائط صد منيع مكون من جبهه داخليه محكمه من قبل ابناء الثوره وسلاح ردع قوى فى يد الجيش الجمهورى الايرانى .. جل ايجابات هذه الاسئله مرهونه بالوضع اليرانى القادم خلال فتره رئاسه نجاد القادمه ..................

ليست هناك تعليقات: